البارت الرابع
من رواية “على صراطٍ مُستقيم”
بسم الله
يقول تعالى في سورة طه في الآية 124
(وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِى فَإِنَّ لَهُۥ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُۥ يَوْمَ ٱلْقِيَٰمَةِ أَعْمَىٰ)، لا تجعل الروايات تلهيكم عن ذكر الله وتذكروا دائمًا (الذِينَ ءَامَنُواْ وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ ٱللَّهِ ۗ أَلَا بِذِكْرِ ٱللَّهِ تَطْمَئِنُّ ٱلْقُلُوبُ) لا خير في قارئ للروايات تارك لكتاب الله، الصلاة ثم الصلاة أحبتي في الله.
بسم الله نبدأ
يقول الله تعالى
“لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا”
عزيزيت العزباء أحرصي على أن يكون
– خطيبًا.
– ثم زوجًا.
– فحبيبًا.
إن تقدّمَ ثالثهم على أولهم، فسدت العلاقة.
وجهت مُنيرة كلامها للسيد إبراهيم، قائلة أكيد أنتَ عارف إحنا جيين ليه؟
حرك السيد إبراهيم رأسه كنوع من موافقه على كلمها.
فاكلمت منيرة كلامها يشرفني أطلب إيد الأنسة رغدة لأبني عامر.
تنهدت رغدة بعمق شعرت بإنه حمل ثقيل كان فوق عاتقها، قصد بأن السيدة منيرة سترفض إن تخطبها لابنها بعد معرفتها بما إقترفت منذ المواجهة الأولى لهما، رغم مرور ثلاث سنوات على ذلك إلا أن نظرات السيدة منيرة لها اليوم أرعبتها.
انتشلها من بحر ذكريتها صوت والدها وهو يقول إذا رغدة موافقة أنا معنديش مانع، مش هلاقي راجل في طيبة وأخلاق الباشا المهندس عامر وبالأخص إن بنتي وحيدة وأمها الله يرحمها، وأنا مش هعيشلها كتير، إلتفت لها منيرة قائلة: أي رأيك يا عروسة؟
أكتسى وجه رغدة بالون الأحمر من فرط خجلها، لتهز رأسها متمتة بصوت هادئ، نعم، أطلقت هيام زغروطه وأتقفا على أن يتم عقد القران بعد أسبوعين من الآن، ولكن لازالت رغدة تفكر في نظرات منيرة لها إلى أن أمسكت منيرة يدها مرددة بنبرة صادقة معلش يا بنتي بحلقت فيكِ كتير فيكِ شبه من وحداة قريبتي، الآن شعرت بالراحة حقًا.
تمتمت بتهذيب ولا يهمك يا ماما.
لتقول في نفسها معقول نسيتني أو فعلا في حد في عائلتها بيشبهني، كل هذا لا يهم المهم أن عامر أصبح خطيبها.
تحركة منيرة تتبعها هيام والحاج إبراهيم وعمار كي يتركوا مساحة للعروسين للتحدث معًا، في أمور شتى، وبعد مرور ساعة كان كل من عمار وعامر مستقلين سيارتهم للعودة للمنزل.
******
حل المساء سريعًا، وشق ضوء القمر ظُلمات السماء.
جلست قمر على حافة الشرفة تنظر للقمر والقلق يغزو جسدها فغدًا أول أيام إمتحاناتها في سنتها الأخيرة، لتصبح طبيبة جراحة عامة.
دلف يزن الغرفة، أقترب منها مقبلًا جبينها قائلًا في حب: أنتِ قدها يا قمر هتنجحي وترفعيلي رأسي إلتفت قمر نحوه لتتقبل عينها بي عينيه، مردفة بإذن الله هحققلك حِلمك يا حبيبي.
ضمها يزن إليه وهو يمسد على رأسها بحب فهو يعتبرها ابنته قبل أن تكون شقيقته الصغرى، ابتعد عنها قليلًا، نامي يا قمري عشان تصحي مركزة، أومت له برأسها لتتحرك ناحية السرير بينما اتجه يزن للخارج.
تصبحي على خير.
وأنتَ من أهلة الجنة.
******
رجع حازم من عمله بعد منتصف الليل وكالعادة وجد. مريم في إنتظاره، قَبل جبينها بحب، مريم الحمد لله على سلامتك غير هدومك على ما حطيتلك العشاء، أمتثل حازم لكلامها وأتجه ناحية المرحاض، اغتسل وغيره ملابسه الرسمية بأخرى بيتي وأكثر راحة، فهو يعمل كمُمول لإحدى شركات المقاولة. في الخارج شرع في أداء صلاة العِشاء بينما كانت مريم تحضر سفرة العشاء، وضعت أمامه السفرة ليردف سلمت يمناك يا أم حيدر، فهو يعرف كم تحب أن يلقبها بأم حيدر قدوة بزوجات الرسول، إنهمك في تناول كل ما يجده أمامه بينما تنظر لها مريم بحب تشعر بإن الله رزقها إياه جزءًا على صبرها وتحملها.
******
في قصر عائلة آل مهدي
دلف مالك من البوابة الرئسية للقصر متجهًا نحو الداخل، ولكن توقف عن سير بعد سماعه ذلك الصوت الذي أصبح يُميزه جيدًا بسبب إحتكاكه به في الفترة الأخيرة، إلتفت إليها، بينما كان ينظر إلى الأرض، هتفت رباب بصدق لمس قلبه أنا أسفة على كل أفعالي الصبينية ياريت تسامحني، إلتفته ليكمل سيره قائلًا ولا يهمك يا رباب أنتِ زي أُختي وشد على كلمة أختي جدًا.
شعرت رباب بألم يغزو جسدها وهي تؤكد على كلمة زي أختك، أختفى مالك عن بصرها وتعود أدراجها محملى برجعة من خيبة الأمل، رغم أن قرارها في الإبتعاد عنه كان صادقًا، فهي بمساعدة صديقتها رهف أدركت خطيئتها الشنيعة عندما حاولت إغوائه عدت مرات، لكن كان يتلقها بالصد من ناحيته استغفرت ربها على ما اقترفت بحق نفسها.
******
جلست نعمة تشاهد إحدى الأفلام الأجنبية فقد تبقى خمسة عشر يوم للعودة لأراضي الوطن بعد أن قضة شهر عسل حميلة برفقة زوجها عُمر، دلف عمر للمنزل فقد ذهب لأحضار وحبة سريعة للعشاء، وضعها في المطبخ وأعد الفشار، جلس على الأريكة التي تجلس عليها زوجته، وضع الطبق بينهما وبدأ يشاهد أحداث الفيلم رغم معرفته التامة بهوية القاتل الذي أستنتجها بسبب عمله كمحقق، تبسمت نعمة بإعجاب لذكاء زوجها، اقتربت منه أكثر وأسندت رأسها على كتفه ربي يديمك ليا.
******
حرك مُنذر رأسه بتعب وإرهاق شديد هذه ليست المرة الأولى التي يتأخر فيها براء، أيعتقد هذا الأحمق أنه يعمل بإحدى متاجر لبيع الدمى أو ما شبه؟ إنها أرواح أُناس، أقسم أنه سيلقنه درسًا لن ينسه.
أمسك هاتفه للإتصال به، ولكن فُتح الباب على مصرعيه ليرفع مُنذر رأسه متمتم، هذه ليست أخلاق أطباء بل أخلاق متعجرفين.
اقترب براء وجلس على الكرسي المقابل لمنذر قائلًا: أسف على التأخير، ولكن قاطعه منذر… كفاك استهتار
براء أنا مش بستهتر يا منذر، إتأخرت بسبب جدتي.
هز منذر رأسه بيأس فجدته أم والدها دائمًا ما تدلل براء.
ماشي استلم مكان كمال، وأنا شوية وراجع للبيت.
اقترب براء من منذر مرطب على كتفه قائلًا: السبب في حزنك ده الست مودة هانم.
أكد منذر على كلام براء، قائلًا ولا أنا معها كنت مرتاح، ولا أنا بعيد عنها مرتاح.
سأله براء بعتاب طفيف، لسه بتحبها؟
حرك منذر رأسه: لا طبعاً، لكن من أول ما شوفتها إفتكرت حاجات مش عايز أفتكرها.
براء:- ربنا يعوضك خير يا منذر كله بيمشي.
ردد منذر خلفه كله بيمشي.
بينما تحرك براء للخارج.
أسند منذر رأسه للخلف يسترجع أحداث مره عليها خمس سنين…
(لكن أخبرني، كيف إرتضيت الأذى لقلبي وهو الذي لم يفعل شيء خطأ طوال حياته سوى أنه أحبك؟)
عندما كانت مودة زوجته في يوم كان راجع تعبان لقى مودة مستنيه على باب الشقة، أغمض عينيه بتعب لا يود أن يعود لدومات الذكريات المُرَّ، قام من مكانه وأمسك بچاكيت بدلته وضعه على كتفه وخرج متجهًا لمنزله تحت تلك الأنظار التي لم تفارقه من أول يوم له هنا.
أخذ براء مكان الدكتور كمال كما أمره ابن عمه منذر.
تنقل في أروقة المستشفى وتأكد من أن جميع المرضى بخير، ترجل منذر من سيارته واتجه نحو البناية التي توجد بها شقته الذي هاجرها منذ ثماني سنوات بعد إنفصاله عن زوجته، فتح باب الشقة، دلف للداخل، وضع أصابعه على مفاتيح الإنارة لتشغيل الضوء، لكنه لم يعمل ربما بسبب يرجع للمصابيح الذي لم يغيرها منذ مدة كبيرة، استخدم فلاش هاتفه، دلف للداخل يذكر اسم الله محاولًا السيطرة على موجة الذكريات التي هاجمته فور دخوله، إتجه لغرفة نومه، دلف للداخل وفتح نافذتها وبحث عن شيء، ينفض به الغبار السرير تجول في كل الشقة ولم يجد شيء، أخذ نفس عميق وبعد تفكير عميق بإن ينام أو يغادر قرر المغادرة لإستأجر غرفة في أحد الفنادق فهو يريد التفكير دون أن يزعجه أحد بعد أن أخبر والدته عن عزوفه عن الرجوع اليوم أستقل سيارته متجهًا لأقرب فندق من هنا، وبعد ساعتان تقريبًا كان يستلقي بظهره على السرير أغمض عينيه محاولة للنوم، ولكن حتى النوم يجيد الفرار عندما نحتاجه كأحدهم، نهض من سريره متجهًا للشرفة ينظر للقمر الذي إحتل السماء ونجوم تنتشر من حوله، تمتم قائلًا سُبحان الله فهذه المرة الأولى التي يتمعن فيها بانظر إلى السماء، بعد مرور أكثر من ثلاث ساعات وهو على حال شعر بالنوم يداعب جفونه، دلف للغرفة ومنها إلى سريره أغمض عينيه وذهب في سُبات عميق.
******
في مكان ما ملئ بالصخور كانت تتهادى بذلك الثوب الأبيض المنسدل علي طول جسدها، ولكنها مستغربة ذلك الثوب وتلك المكان الجديد عليها، كانت تسير وكلما تعرقلت في إحدى الصخور وكادت أن تقع حتي تجد يد تمسك بها وتنقذها من الوقوع، وكلما تلتفت لتري من ينقذها لم تجد شيء كأنه شبح يظهر فقط ليلحق بها قبل الوقوع ويختفي قبل أن ترى من هو، أكملت السير في تلك المكان، وكلما تقدمت إلى الأمام تظهر الشجيرات، وعلى مرمى البصر وجدت أحد ما يحفر في الأرض، أسرعت إليه كي ينقذها ويخرجها من هذا المكان، التي لم تعلم كيف ومتى آتت إليه، وكلما تقدمت وجدت شيء يجذبها إلى الأمام كأنه مغناطيس، وذلك الرجل ينظر إليها ولا ترى سوى تلك العيون التي تنظر إليها بشدة وما أن تقدمت منه حتى لم تجده ووجدت نفسها فجأة داخل تلك الحفرة التي كان يحفرها، وتتشبث ببعض الصخور حتى لا تقع إلى القاع.
أستيقظت من نومها تستعيذ الله من ذلك الكابوس كما أطلقت عليه، لملمت خصلات شعرها وربطتها بمشبك الموجود على الكومود، نهضت من مكانها اتجهت للمرحاض حتى تصلي قيام الليل فالساعة تشير للثانية ونصف بعد منتصف الليل، ولعل هذا الكابوس يبتعد عنها فهو يطردها منذُ مدة.
توضت وصلت ثماني ركعات كل ركعتين منفصلات، أمسكت بالمصحف على سورة البقرة ورتلت منه بصوتها العذب حتى هدأت نبضات قلبها المتسارعة. أغلقت المصحف، وأتجهت نحو سريرها محاولة النوم حتى تستيقظ بكامل نشاطها في الغد.
………..
تقلبت في سريرها للمرة التى لا تعلم عددها، فالذنب الذي أقترفته في الماضي بدأ كالجوثوم يتقل على صدرها، حاولت عدة مرات للأفصح عما إرتكبته، ولكن خوفها كان أكبر من شعورها بالذنب، أنبت نفسها لم يبقى في العمر أكثر مما ضاع ستخبرهم بكل شيء، ولكن هي تعرف مكان أحدهم فقط أم ثاني لا فقد إنقطعت أخباره من فترة كبيرة ولم تهتم هي لذلك فقد أغوها المال والسلطة وأعمى الحقد قلبها فتجبرت ونسيت أن الله على كل شيء قدير.
قد صدقوا من قالوا أن الذي يحقد يدمر نفسه أولًا.
******
رمشت عدة مرات بأهدابها وفتحت عينيها بصعوبه أين هي الآن؟ كل ما تتذكره أنها كانت قادمة لزيارة أمها وأقتربت إحدى الشاحنات الكبيرة وإصطدمت بهم. هل أبنائها بخير؟ أم فارقوا الدنيا؟ وهل هي نفسها بخير حاولت رفع يدها للرن جرس الطوارئ الموجود فوق رأسها، رنت الجرس فأسرع براء في تلبية النداء دلف للغرفة وقام بفحصها، طالبًا منها الاسترخاء وعدم التحدث حتى ينتهي من فحصه لها أمتثلت لامره، بينما تشعر بنيرآن تكوي قلبها على أبنائها، هل الماضي سيتكرر ويكوى قلبها كما كوت قلبه على ابنه؟
بعد الإنتهاء من فحصه لها أجبها بقتضاب جميع أبنائك بخير؛ ولكن أنتِ..
شعرت بنبضات قلبها تعلو وهي تترتقب كلماته، محاولة معرفة ما سيقول نظرت إلى عينيه، شهقت بصوت عالٍ عندما أكمل كلامها قائلًا…
يُتبع
غفر الله لى ولكم
توقعاتكم حول الابطال وباقي الأحداث.
رواية اثبات ملكيه الحلقه التاسعه